الموضوع :
ركبت مرة حافلة مزدحمة فاضطررت إلى التنازل عن مقعدك لأحد الركاب.
قص الحادثة و أعن بمقاطع وصفية تصف فيها حالة الركاب و تدافعهم و ما
شاهدت من النافدة و الحافلة تسير ..
النص :
جميل أن تفعل خيرا و الأجمل أن يكون لأهله، نزلت من الحافلة و السعادة تغمرني، لقد ذهبت ذات مرة للمدينة المجاورة لشراء بعض اللوازم، فكثيرا ما كان يستقلها أبي عند شبابه.
ذات يوم صيفي، شديدة الحرارة، انتظرت طويلا في المحطة حتى أقبلت الحافلة و هي تطوي الأرض طيا ،ركبتها و حمدت الله على شغور ها لقد وجدت مقعدا، جلست بعد أن اقتطعت التذكرة بملاليم قليلة، وانطلقت بنا تسير سيرا و أنا أشاهد الأشجار تسير تريد اللحاق بنا، و السحب البيضاء أيضا أخذت من السماء طريقا موازيا لنا ، كلما توقفت الحافلة كلما صعد الناس و علا الضجيج ، و صوت السائق يملا المكان مطالبا الصاعدين بالإسراع، نساء و رجالا، صغارا و كبارا، الأصحاء والمرضى ، القاصدين من أجل مهمة و القاصدين المقاهي فلا عملا عندهم لينجزوه ، التلاميذ و العملة ، المرأة التي تحمل ابنها في بطنها و غير ها التي تمسك بيمينها طفلتها ذات أربع سنوات و بشمالها قفة الخضار ، و الشيخ الذي يستند بعصا تعينه على الوقوف .
كنت أتأمل المناظر الخلابة ، على مد البصر ، ما أجمل غابات الزيتون و ضلالها و ما أبهى أشجار اللوز و ثمارها، و ما أروع أشجار الخوخ الدائرية ، أرى رجالا في الحقول و نساء، إنه موسم الحصاد، تراهم مصطفين بانتظام شديد، ظهورهم مقوسة ، أيديهم في حراك دائم، غنائهم يملا المكان فترقص على لحنه الطيور ، كنت أرى تزاحم الر اكبين و تموج المسافرين ، البنت تسال الأم متى الوصول لقد مللت الحافلة و ركوبها ، و المرأة الحامل تضع يديها أمام بطنها حتى لا يؤذيها الركاب و أما الشيخ المسن فقد نظر للجميع منتظرا أن يقوم أحدهم ، فلا هم قاموا و لا هو جلس ، كنت أود أن أقوم من مكاني ، و لكن السفر مازال بعيدا ، فمن يعطيني مقعده إن تعبت بقيت مع نفسي أحدثها و أخاصمها، ثم قلت في نفسي: من الذي أعطيه المكان ؟ الشيخ أم المرأة الحامل .....؟ و لكني قمت ، عندها قال الشيخ : يا ابنتي اجلسي فأنت أولى مني بالجلوس.
حينها تذكرت قول الرسول : ليس منا من لم يوقر كبيرنا .